فصل: قال ابن عطية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وسابعها: أن الدين يحيا به لأنه إنما سأله زكريا لأجل الدين، واعلم أن هذه الوجوه ضعيفة لأن أسماء الألقاب لا يطلب فيها وجه الإشتقاق، ولهذا قال أهل التحقيق أسماء الألقاب قائمة مقام الإشارات وهي لا تفيد في المسمى صفة ألبتة.
{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ حمزة والكسائي {عتيًا} و{صليًا} و{جثيًا} و{بكيًا} بكسر العين والصاد والجيم والباء، وقرأ حفص عن عاصم {بكيًا} بالضم والباقي بالكسر والباقون جميعًا بالضم، وقرأ ابن مسعود بفتح العين والصاد من {عتيًا} و{صليًا}. وقرأ أبي بن كعب وابن عباس {عسيًا} بالسين غير المعجمة، والله أعلم.
المسألة الثانية:
في الألفاظ وهي ثلاثة: الأول: {الغلام} الإنسان الذكر في ابتداء شهوته للجماع ومنه اغتلم إذا اشتدت شهوته للجماع ثم يستعمل في التلميذ يقال: غلام ثعلب.
الثاني: العتي والعبسي واحد تقول عتا يعتو عتوًا وعتيًا فهو عات وعسا يعسو عسوًا وعسيًا فهو عاص والعاسي هو الذي غيره طول الزمان إلى حال البؤس وليل عات طويل وقيل شديد الظلمة.
الثالث: لم يقل عاقرة لأن ما كان على فاعل من صفة المؤنث مما لم يكن للمذكر فإنه لا تدخل فيه الهاء نحو امرأة عاقر وحائض قال الخليل: هذه الصفات مذكرة وصف بها المؤنث كما وصفوا المذكر بالمؤنث حين قالوا: رجل ملحة وربعة وغلام نفعة.
المسألة الثالثة:
في هذه الآية سؤالان: الأول: أن زكريا عليه السلام لم تعجب بقوله: {أنى يَكُونُ لِي غلام} مع أنه هو الذي طلب الغلام؟ السؤال الثاني: أن قوله أنى يكون لي غلام لم يكن هذا مذكورًا بين أمته لأنه كان يخفي هذه الأمور عن أمته فدل على أنه ذكره في نفسه، وهذا التعجب يدل على كونه شاكًا في قدرة الله تعالى على ذلك وذلك كفر وهو غير جائز على الأنبياء عليهم السلام.
والجواب عن السؤال الأول: أما على قول من قال إنه لم يطلب خصوص الولد فالسؤال زائل، وأما على قول من قال إنه طلب الولد فالجواب عنه أن المقصود من قوله: {أنى يَكُونُ لِي غلام} هو التعجب من أنه تعالى يجعلهما شابين ثم يرزقهما الولد أو يتركهما شيخين ويرزقهما الولد مع الشيخوخة بطريق الاستعلام لا بطريق التعجب، والدليل عليه قوله تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبّ لاَ تَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 89، 90] وما هذا الإصلاح إلا أنه أعاد قوة الولادة وقد تقدم تقرير هذا الكلام، وذكر السدي في الجواب وجهًا آخر فقال: إنه لما سمع النداء بالبشارة جاءه الشيطان فقال: إن هذا الصوت ليس من الله تعالى بل هو من الشيطان يسخر منك، فلما شك زكريا قال: {أنى يَكُونُ لِي غلام} واعلم أن غرض السدي من هذا أن زكريا عليه السلام لو علم أن المبشر بذلك هو الله تعالى لما جاز له أن يقول ذلك فارتكب هذا، وقال بعض المتكلمين هذا باطل قطعًا إذ لو جوز الأنبياء في بعض ما يرد عن الله تعالى أنه من الشيطان لجوزوا في سائره ولزالت الثقة عنهم في الوحي وعنا فيما يوردونه إلينا ويمكن أن يجاب عنه بأن هذا الاحتمال قائم في أول الأمر وإنما يزول بالمعجزة فلعل المعجزة لم تكن حاصلة في هذه الصورة فحصل الشك فيها دون ما عداها، والله أعلم، والجواب عن السؤال الثاني من وجوه: الأول: أن قوله: {إِنَّا نُبَشّرُكَ بغلام اسمه يحيى} [مريم: 7] ليس نصًا في كون ذلك الغلام ولدًا له بل يحتمل أن زكريا عليه السلام راعى الأدب ولم يقل هذا الكلام هل يكون لي ولد أم لا، بل ذكر أسباب تعذر حصول الولد في العادة حتى أن تلك البشارة إن كانت بالولد فالله تعالى يزيل الإبهام ويجعل الكلام صريحًا فلما ذكر ذلك صرح الله تعالى بكون ذلك الولد منه فكان الغرض من كلام زكريا هذا لا أنه كان شاكًا في قدرة الله تعالى عليه.
الثاني: أنه ما ذكر ذلك للشك لكن على وجه التعظيم لقدرته وهذا كالرجل الذي يرى صاحبه قد وهب الكثير الخطير فيقول أنى سمحت نفسك بإخراج مثل هذا من ملككا تعظيمًا وتعجبًا.
الثالث: أن من شأن من بشر بما يتمناه أن يتولد له فرط السرور به عند أول ما يرد علي استثبات ذلك الكلام إما لأن شدة فرحه به توجب ذهوله عن مقتضيات العقل والفكر وهذا كما أن امرأة إبراهيم عليه السلام بعد أن بشرت باسحق قالت: {أألد وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهذا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هذا لَشَىْء عَجِيبٌ} [هود: 72] فأزيل تعجبها بقوله: {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله} [هود: 73] وإما طلبًا للالتذاذ بسماع ذلك الكلام مرة أخرى، وإما مبالغة في تأكيد التفسير.
{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
في قوله: {قَالَ رَبُّكَ هُوَ هَيّنٌ} وجوه:
أحدها: أن الكاف رفع أي الأمر كذلك تصديقًا له ثم ابتدأ قال ربك.
وثانيها: نصب يقال وذلك إشارة إلى مبهم تفسيره هو علي هين وهو كقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْكَ ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاْء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} [الحجر: 66] وثالثها؛ أن المراد لا تعجب فإنه كذلك قال ربك لا خلف في قوله ولا غلط ثم قال بعده هو علي هين بدليل خلقتك من قبل ولم تك شيئًا.
ورابعها: أنا ذكرنا أن قوله أنى يكون لي غلام معناه تعطيني الغلام بأن تجعلني وزوجتي شابين أو بأن تتركنا على الشيخوخة ومع ذلك تعطينا الولد، وقوله: {كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ} أي نهب الولد مع بقائك وبقاء زوجتك على الحاصلة في الحال.
المسألة الثانية:
قرأ الحسن {وهو علي هين} وهذا لا يخرج إلا على الوجه الأول أي الأمر كما قلت ولكن قال ربك هو مع ذلك علي هين.
المسألة الثالثة:
إطلاق لفظ الهين في حق الله تعالى مجاز لأن ذلك إنما يجوز في حق من يجوز أن يصعب عليه شيء ولكن المراد أنه إذا أراد شيئًا كان.
المسألة الرابعة:
في وجه الاستدلال بقوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} فنقول: إنه لما خلقه من العدم الصرف والنفي المحض كان قادرًا على خلق الذوات والصفات والآثار وأما الآن فخلق الولد من الشيخ والشيخة لا يحتاج فيه إلا إلى تبديل الصفات والقادر على خلق الذوات والصفات والآثار معًا أولى أن يكون قادرًا على تبديل الصفات وإذا أوجده عن عدم فكذا يرزقه الولد بأن يعيد إليه وإلى صاحبته القوة التي عنها يتولد الماءان اللذان من اجتماعهما يخلق الولد ولذلك قال: {فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90] فهذا وجه الاستدلال.
المسألة الخامسة:
الجمهور على أن قوله قال كذلك قال ربك يقتضي أن القائل لذلك ملك مع الاعتراف بأن قوله: {يازكريا إِنَّا نُبَشّرُكَ} [مريم: 7] قول الله تعالى وقوله: {هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ} قول الله تعالى وهذا بعيد لأنه إذا كان ما قبل هذا الكلام وما بعده قول الله تعالى فكيف يصح إدراج هذه الألفاظ فيما بين هذين القولين، والأولى أن يقال قائل هذا القول أيضًا هو الله تعالى كما أن الملك العظيم إذا وعد عبده شيئًا عظيمًا فيقول العبد من أين يحصل لي هذا فيقول إن سلطانك ضمن لك ذلك كأنه ينبه بذلك على أن كونه سلطانًا مما يوجب عليه الوفاء بالوعد فكذا ههنا. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى}.
فتضمنت هذه البشرى ثلاثة أشياء:
أحدها: إجابة دعائه وهي كرامة.
الثاني: إعطاؤه الولد وهو قوة.
الثالث: أن يفرد بتسميته. فدل ذلك على أمرين:
أحدهما: اختصاصه به. الثاني: على اصطفائه له. قال مقاتل سماه يحيى لأنه صبي بين أب شيخ وأم عجوز.
{لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًَّا} فيه ثلاثة اقاويل:
أحدها: أي لم تلد مثله العواقر، قاله ابن عباس. فيكون المعنى لم نجعل له مثلًا ولا نظيرًا.
الثاني: أنه لم نجعل لزكريا من قبل يحيى ولدًا، قاله مجاهد.
الثالث: أي لم يسم قبله باسمه أحد، قاله قتادة.
قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ} أي ولد.
{وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} أي لا تلد وفي تسميتها عاقرًا وجهان:
أحدهما: لأنها تصير إذا لم تلد كأنها تعقر النسل أي تقطعه.
الثاني: لأن في رحمها عقرًا يفسد المني، ولم يقل ذلك عن شك بعد الوحي ولكن على وجه الاستخبار: أتعيدنا شابين؟ أو ترزقنا الولد شيخين؟
{وقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتيًّا} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني سنًا، قاله قتادة. الثاني: أنه نحول العظم، قاله ابن جريج.
الثالث: أنه الذي غيره طول الزمان إلى اليبس والجفاف، قاله ابن عيسى قال الشاعر:
إنما يعذر الوليد ولا يعذر ** من كان في الزمان عتيًا

قال قتادة: كان له بضع وسبعون سنة وقال مقاتل خمس وتسعون سنة. وقرأ ابن عباس: {عِسِيًّا} وهي كذلك في مصحف أبي من قولهم للشيخ إذا كبر: قد عسا وعتا ومعناهما واحد. اهـ.

.قال ابن عطية:

{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}.
المعنى قيل له بإثر دعائه {يا زكريا إنا نبشرك بغلام} يولد لك {اسمه يحيى} وقرأ الجمهور: {بَشِّرك} بفتح الباء وكسر الشين مشددة، وقرأ أصحاب ابن مسعود {نبْشُرك} بسكون الباء وضم الشين، قال قتادة: سمي {يحيى} لأن الله أحياه بالنبوءة والإيمان، وقال بعضهم سمي بذلك لأن الله أحيا له الناس بالهدى. وقوله: {سميًا} معناه في اللغة لم نجعل لم مشاركًا في هذا الاسم، أي لم يتسم قبل ب {يحيى} وهذا قول قتادة وابن عباس وابن أسلم والسدي، وقال مجاهد وغيره {سميًا} معناه مثلًا ونظيرًا وهذا كأنه من المساماة والسمو، وفي هذا بعد لأنه لا يفضل على إبراهيم وموسى اللهم إلا أن يفضل في خاص بالسؤود والحصر. وقال ابن عباس معناه لم تلد العواقر مثله. وقول زكرياء {أنى يكون لي غلام} اختلف الناس فيه فقالت فرقة: إنما كان طلب الولي دون تخصيص ولد فلما بشر بالولد استفهم عن طريقه مع هذه الموانع منه، وقالت فرقة: إنما كان طلب الولد وهو بحال يرجو الولد فيها بزواج غير العاقر أو تسرٍّ، ولم تقع إجابته إلا بعد مدة طويلة صار فيها الى حال من لا يولد له فحينئذ استفهم وأخبر عن نفسه ب {الكبر} والعتو فيه. وقالت فرقة: بل طلب الولد فلما بشر به لحين الدعوة تفهم على جهة السؤال لا على جهة الشك كيف طريق الوصول الى هذا وكيف نفذ القدر به؟ لا أنه بعد عنده هذا في قدرة الله. و(العتي) و(العسي) المبالغة في الكبر أو يبس العود أو شيب الرأس أو عقيدة ما ونحو هذا، وقرأ حمزة الكسائي {عِتيًا} بكسر العين والباقون بضمها، وقرأ ابن مسعود {عَتيًا} بفتح العين، وحكى أبو حاتم أن ابن مسعود قرأ {عُسيًا} بضم العين وبالسين وحكاها الداني عن ابن عباس أيضًا، وحى الطبري عن ابن عباس أنه قال: ما أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر ولا أدري أكان يقرأ {عتيًا} أو {عسيًا} بالسين. وحكى الطبري عن السدي أنه قال: نادي جبريل زكرياء إن الله يبشرك {بغلام اسمه يحيى} فلقيه الشيطان فقال له إن ذلك الصوت لم يكن لملك وإنما كان لشيطان فحينئذ قال زكرياء {أنى يكون لي غلام}، ليثبت إن ذلك من عند الله، و{زكرياء} هو من ذرية هارون عليه السلام، وقال قتادة: جرى له هذا الأمر وهو ابن بضع وسبعين سنة وقيل ابن سبعين وقال الزجاج: ابن خمس وستين فقد كان غلب على ظنه أنه لا يولد له.
وقوله: {قال كذلك} قيل إن المعنى قال له الملك {كذلك} فليكن الوجود كما قيل لك {قال ربك} خلق الغلام {عليّ هين}، أي غير بدع فكما {خلقتك من قبل} وأخرجتك من عدم الى وجود كذلك أفعل الآن، وقال الطبري: معنى قوله: {كذلك} أي الأمران اللذان ذكرت من المرأة العاقر والكبرة هو {كذلك} ولكن {قال ربك} قال القاضي والمعنى عندي قال الملك {كذلك} أي على هذه الحال {قال ربك هو علي هين}. وقرأ الجمهور: {وقد خلقتك} وقرأ حمزة الكسائي {وقد خلقناك}. وقوله: {ولم تك شيئًا} أي موجودًا. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {يا زكريا إِنا نبشرك}.
في الكلام إِضمار، تقديره: فاستجاب الله له فقال: {يا زكريّا إِنا نبشِّرك}.
وقرأ حمزة: {نَبْشُرك} بالتخفيف.
وقد شرحنا هذا في [آل عمران: 39].
قوله تعالى: {لم نجعل له من قبلُ سَمِيًّا} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: لم يُسمَّ يحيى قبله، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وقتادة، وابن زيد، والأكثرون.
فإن اعترض معترض، فقال: ما وجه المِدْحَة باسم لم يُسمَّ به أحد قبله، ونرى كثيرًا من الأسماء لم يُسبَق إِليها؟ فالجواب: أن وجه الفضيلة أن الله تعالى تولَّى تسميته، ولم يَكِل ذلك إِلى أبويه، فسماه باسم لم يُسبَق إِليه.
والثاني: لم تلد العواقر مثله ولدًا، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
فعلى هذا يكون المعنى: لم نجعل له نظيرًا.
والثالث: لم نجعل له من قبل مِثْلًا وشِبْهًا، قاله مجاهد.
فعلى هذا يكون عدم الشَّبَه من حيث أنه لم يعص ولم يهمَّ بمعصية.
وما بعد هذا مفسر في [آل عمران: 39] إِلى قوله: {وكانت امرأتي عاقرًا}.
وفي معنى {كانت} قولان:
أحدهما: أنه توكيد للكلام، فالمعنى: وهي عاقر، كقوله: {كنتم خير أُمَّة} [آل عمران: 110] أي: أنتم.
والثاني: أنها كانت منذ كانت عاقرًا، لم يحدُث ذلك بها، ذكرهما ابن الأنباري، واختار الأول.
قوله تعالى: {وقد بلغتُ من الكِبَر عتيًا} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: {عُتيًّا} و{بُكيًّا} [مريم: 58] و{صُليّا} [مريم: 70] بضم أوائلها.
وقرأ حمزة، والكسائي، بكسر أوائلها، وافقهما حفص عن عاصم، إِلا في قوله: {بُكيًّا} فإنه ضم أوله.
وقرأ ابن عباس، ومجاهد: {عُسِيًّا} بالسين قال مجاهد: {عتيًّا} هو قُحُول العظم.
وقال ابن قتيبة: أي يُبْسًا؛ يقال: عَتَا وعَسَا بمعنى واحد.
قال الزجاج: كل شيء انتهى، فقد عَتَا يَعْتُو عِتِيًّا، وعُتُوًّا، وعُسُوًّا، وعُسِيًّا.
قوله تعالى: {قال كذلكَ} أي: الأمر كما قيل لك من هبة الولد على الكِبَر {قال ربُّكَ هو عليَّ هيِّن} أي: خَلْقُ يحيى عليَّ سَهْل.
وقرأ معاذ القارىء، وعاصم الجحدري: {هَيْن} باسكان الياء.
{وقد خلقتُك مِنْ قَبْلُ} أي: أوجدتُك.
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: {خَلَقْتُكَ}.
وقرأ حمزة، والكسائيُّ: {خَلَقْنَاكَ} بالنون والألف.
{ولم تك شيئًا} المعنى: فخلْقُ الولد، كخلقك. اهـ.